حمزة ابو حمدان

كاتب وصحفي سوري

محاولات فاشلة لشق صف احتجاجات السويداء


مُؤسِفٌ حـقـًا أن تكون الاضاءة جيدة ، والالوان مباركة ، والشخصيَّة مستهلكة وتـقـلـيـد ، والغاية ضرب وحدة الصف الأهلي خدمة للنظام .

منذ انطلاق الاحتجاجات في السويداء منتصف آب الماضي ، والنظام السوري يدفع بأزلامه ، تارة من بعيد ، وتارة عبر رجال دين كبرهم بهرمونات الحقن ،في محاولة لشق الصف وإيجاد شارع موال له .

هذا الأمر جعله يلجأ إلى شخصيات وأسماء محروقة ومستهلكة ، حتى إن مجرد ذكر اسم بعضها يبعث على الغثيان في نفوس السوريين .

محاولات حثيثة ما انفكت سلطة دمشق تعمل عليها، لإثارة الانقسام في السويداء على المستويين الديني والاجتماعي ، في أسلوب مفضوح، لإيجاد شارع مؤيدٍ لها، مقابل الشارع المنتفض .

هذه المحاولات الفاشلة ؛ بدأت عبر مواليها في ريف دمشق ، مرورا بلبنان ، وصولا إلى السويداء ، دون أن تحقق اي من أهدافها ، فزخم الحراك الشعبي في تزايد.

فمن الشيخ معن صافي ، إلى وئام وهاب ، وحسن الاطرش ،إلى الشيخ عبد الوهاب أبو فخر، الذي تلى بياناً قبل أيام، باسم “الهيئة الروحية للمسلمين الموحدين”، يُعلن فيه وقوفه مع “قائد الوطن”.

حقيقة وإلى ما قبل كتابة هذه السطور ، لم يسمع أحد بهذه الهيئة ، وهي لا تحمل توقيع أي مرجعية من المرجعيات الدينية في محافظة السويداء.
هذا الأمر يذكرنا بمسرحيات النظام المفبركة ، عندما كان يبث على شاشاته اعترافات لأشخاص ينتمون إلى تنظيمات مستجدة تعلن تبنيها لتفجيرات أو استهدفات .
وللتذكير فقد فشل النظام في محاولة استمالة واستقطاب شيخ العقل يوسف جربوع، لتصديره موقفا ضد الحراك الشعبي، وإن كان موقف الأخير لا يُلبي تطلعات الشارع، لكنه في الحقيقة لم يقف ضده ، ونأى بنفسه مؤخرا بعد بيان “عيان الزمان “ولم يصدر عنه أي موقف يطعن أو يقلل من مواقف شيخي العقل الاخرين حكمت الهجري وحمود الحناوي.

عبد الوهاب أبو فخر، وبيانه المنفرد ، يأتيان خارج سياق حراك السويداء الشعبي ، ويعيد إلى الأذهان ، موقفه إلى جانب الشبيح الطريد تاجر المخدرات ورجل الأمن العسكري راجي فلحوط، قبل سنة ونيّف من الآن.
لقد وقف أبو فخر مع فلحوط بإيعاز من الأمن ، وهو يعيد الكرة ضاربا بعرض الحائط بمواقف السواد الأعظم من أهالي السويداء .
لكن الرد جاء سريعا في ساحة الكرامة وشهبا حيث عمت احتجاجات حاشدة تنادي بإسقاط النظام وأتباعه، وهو الأمر الذي يؤكد لمن لازال يراهن أو يأمل، بأن الحامل الاجتماعي لحراك السويداء، بات يلفظ أي شخصية تنحاز إلى السلطة، فالتاريخ يُسجل، فمن اختار الوقوف إلى صف المطالبين بحقوقهم المشروعة، ترتفع صورته بالساحات، أما من وقف في المقلب الآخر، فقد خسر الرهان.

الاسماء التي ذكرت آنفا أمثال الشيخ عبد الوهاب هم من المقربين للسلطة ، النفعيون ، المصلحيون ، المتملقون ، المتقلبون في مواقفهم ، تستهوي سلوكياتهم المتلونة النظام الذي وجد ضالته فيهم لإشغال السوريين وتشتيتهم ، عبر افتعال حالة اللاستقرار كمعادل لثبات سلطته، بكل ما أمكن له من أساليب ترغيب وترهيب.

إن ما يدعو إلى الاستهجان، وليس الاستغراب، أو التعجب ذلك البيان الذي تلاه الشيخ أبوفخر ،في تنظير تيئيسي سيره وراء “قائد الوطن ” وعلى مقربة منه بأمتار ، ثمة صيحات وجع وجوع ، واقفال لمقرات حزب التقارير.
ولعل الواقع الأشد مرارة بالنسبة إلى من خرج مطالبا بحقوقه، أن يسمع هذا الشيخ وهو يتحدث وكأن الأمر خلافا في وجهات النظر ، على قضية مطلبية وليست قضية شعب ووطن منهوب مدمر .

إن لسان حال ساحات الاحتجاج يقول : كل البيانات المحبطة التي صدرت من هنا وهناك منذ انطلاق الحراك وحتى اليوم لاتعبر إلا عن رأي أصحابها لأنها مجرد محاولات يائسة من جانب أزلام النظام ، لن يكتب لها النجاح.
وليس أبلغ من كلمة الشيخ الحناوي بأن “السهم انطلق” ولاعودة حتى تتحقق مطالب المحتجين السلميين.
بالمختصر يبدو أن محاولات النظام لخلق شارع مؤيد ، يثبت عجز النظام وعدم رغبته في الاستجابة حتى للحدود الدنيا من مطالب الحراك ، كما يثبت أنه اسقط في يده عن استخدام الحل الأمني كما فعل مع باقي المحافظات، بسبب خصوصية السويداء معقل الطائفة الدرزية.
لذلك يأمل النظام أن يتلاشى هذا الحراك تحت وطأة الوضع الاقتصادي واليأس من التغيير أو أن ينجح هو في خرق ما لتفتيت الحراك عبر أتباعه، لكن المحتجون لا تبدو عليهم بوادر التعب أو التشرذم، بل على العكس، فهم قد وعوا جيدا هذه الرسائل، فكل يوم جمعة يزداد زخم المظاهرات وخلال أيام الأسبوع يزداد تنوع فعاليات.

ويبقى السؤال الأهم، أي شارع موالٍ تبحث عنه سلطة دمشق، في وقت يقبع فيه أكثر من ٩٣% من السوريين تحت خط الفقر. ؟

من الواضح أنها لن تجد إلّا شخصيات مُستجدة، وأدوات مستهلكة ومنتفعة ، فموقف المرجعيات الدينية ، ثابت في تأييد الحراك ، و أي بيان لا يصدر عن مشيخة العقل ، لا يمثل سوى أصحابه الذين وضعوا أنفسهم في مواجهة الحراك وعليهم تحمل النتائج .

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها

%d مدونون معجبون بهذه: