العميد محمد العبيد

المجلس العسكري السوري

القدرة على القتل …

في بلد يكاد اهله يموتون جوعاً ، ويهلكون ظمأً ، وتنسدُ أمامهم سُبُلَ الهروب وسُبُلَ العيش الحر الكريم وكل أشكال الحماية التي من المفترض أن دولاً ومنظمات إنسانية وحقوقية هي المعنية به أمام كل هذا فإنه من الطبيعي ان تتوجه مشاعرهم بأقصى درجات الكراهية والازدراء ، إلى هذه الزمرة الحاكمة التي فضلت بقاء روحها وجسدها على كرسي فاضت لأجله أرواحٌ من السوريين الأحرار وتعلقت أجسادهم في زنازين الموت تستغيث الله بالخلاص ، لم تك يوما أدوات النظام المجرم إلا آلة جهنمية تحصد أرواحهم رميا بالرصاص وصوبت من السماء براميل حقدها الدفين فأمطرت سماء المدن والقرى والأحياء رعباً وهلاكاً .

أمام هذا المشهد الدامي كان لابد من إيقاظ كل التناقضات العرقية والدينية والمذهبية في عموم سورية فحجم الإصرار على القتل فاق كل حدود العقل وهو ما يحتاج إلى إعادة تموضع وتشكيل قوى جديدة يقع على عاتقها انخراط كل السوريين في مواجهة حتمية مع ألة الحقد والإجرام فالمسألة باتت مسألة مصيرية وجودية فرأس النظام بات لا يمكك من أمر سورية أي شيئ فقد تحولت سورية بفضله إلى مستعمرة إيرانية خالصة وهذا ما تشير إليه لقاءات المسؤولين الإيرانيين حول مطالباتهم المستمرة بضرورة الحاق سورية سياسيا بمشروع دولة الفقيه وبالتالي لا يحق لسورية البت في أي مسألة سياسية واقتصادية دون الرجوع إلى المحتل الإيراني .

وهذا ما يؤسس لبدء دعم الانتفاضة السورية بكل الوسائل الممكنة فالسويداء ودرعا ليستا بالحدث العادي والذي يجب أن يمر مرور الكرام فثورة درعا اليوم كانت خطاباً للعالم كله بأن الثورة مستمرة ولن تتوقف رغم كل المؤامرات التي حيكت للإجهاز عليها ، و لتلتحق بعدها انتفاضة السويداء التي زادت من حجم العزم الثوري وزادته قوة وصلابة وهو ما جعل النظام ينظر إليها بقلق واضح فبدت ارهاصات الانتفاضة بادية على محياه وبالتالي فإن حسابات النظام المجرم العسكرية تجاه السويداء وما يجري فيها هي حسابات خاطئة وبالتالي فإن النظام المجرم  مضطر هذه المرة لأن يضفي على السويداء وانتفاضتها أوصافاً مستحدثةً باتهامها بالانفصال تارة والعمالة تارة أخرى وهذا ما تبرر فيه أسباب المأزق الذي وضعت نفسها فيه .

والحقيقة أن أي مراقب للأحداث ومجرياتها يستطيع أن يجمع دلائل على تمهيد النظام المجرم لاستخدام كل الوسائل الممكنة لتفتيت وتدمير انتفاضة السويداء وهذا ما بدا واضحا على شاشات النظام المجرم حيث أكد أحد ضيوف اللقاء العميد تركي الحسين “بأن النظام تعامل مع السويداء ببرودة أعصاب غير طبيعية ، ويضيف أن لدى النظام والدولة  خبرة تراكمية وهي لا تريد أن تقتل وهي قادرة على القتل بطبيعة الحال وقد يكون القتل داخلي أسهل من أن تقوم الدولة به ” أما هذا السيناريو لا يمكننا إلا أن نقول أن النظام المجرم قد بات اليوم بأمس الحاجة لجرعة ولو صغيرة في أمل البقاء واقفا كهيكل فقط دون سيادة تذكر على بلاده ومواطنيه .

وأخيراً يمكننا القول بأن لدى الثورة العظيمة خبرات تراكمية بمعنى أن القوة العسكرية للنظام المجرم لن تتمكن من كسر شوكة السويداء والثورة بشكل عام ، كما أن أي استخدام للقوة الغاشمة ضد الشعب السوري لن تطفئ من نار مطالبها المحقة والعادلة  بل ستزيدها  اشتعالاً تكون مقدما لانفجار عظيم ينهي الحقبة السوداء من تاريخ سورية المعاصر .

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.

%d مدونون معجبون بهذه: