ياسر بدوي

كاتب وصحفي سوري

الثورات لا تموت وهي تجدد

يروي التاريخ والقوانيين والمناهج الوضعية والسماوية، أنه لم يحصل أن انتفض شعب من الشعوب وفشل، يمكن أن تتعرض حركة الشعوب لانتكاسات وانكسارات، لكن في النهاية سيحدث التغيير ماديا ومعنوياً، وكل ما يحتاجه أي شعب هو الصبر ورسم الطريق للوصول إلى التغيير المنشود، ومحاربة اليأس والاستسلام إلى أفكار معلبة تبث من هنا وهناك، غالبا ما يروجها أعداء التغيير ليخلق دوائر اليأس والإحباط حول الأمم المنتفضة، وأولى أدوات محاربة هذه الدوائر هي الكلمة الطيبة والتمسك بها وتجذيرها في المجتمعات.

من هنا جاءت فكرة التحرر الوطني وفلسفة التغيير أمام التحديات وإعادة إحياء فكرة الوطنية، بعدما تعرضت له لكم هائل من التشويه من أنصارها وأعداءها، أنصارها يجعلونها أداة استرزاق ومطية وصول للحكم والمال، وأما أعداؤها يناصبونها العداء لأنهم متضررون منها وتفضح طرائق عيشهم وفسادهم، لذلك لا بد فلسفة ومنهج للتحرر الوطني يعري الخطأ ويفضح الفساد والمفسدين ويعلي من قيمة الخلق والأخلاق التي تقود الى الأهداف ومحورها الإنسان الذي هو لب التحرر والتغيير والصلاح.

انتكست الثورة الفرنسية بعد أن حاربها النظام الملكي والاقطاعي وحلفائه في عموم أوربا وما لبثت أن عادت بقوة محدثة تغيرا هز الاقطاعيات الاوربية ومهد لمرحلة جديدة أدخلت أوربا عصرا جديدا ما تزال تحقق الريادة في القيم والصناعة والفلسفة والفكر والفن والصناعات الجبارة، ولم يستسلم الشعب الفرنسي لتلك الحروب التي عملت لوأد ثورته.

يقول قائل الحالة السورية مختلفة، بالتأكيد مختلفة في الأدوات لكن إرادة الشعوب واحدة عندما يكون افرادها مؤمنون بحقهم في الحياة والتغيير ونيل الحقوق، ومثلما مكنت التقنيات الحديثة من امتلاك أدوات للقمع، مكنت التقنيات الحديثة أدوات للتواصل والصمود لمحاربة هذا الأنظمة الباطلة.

لماذا حركة التحرر الوطني؟ ببساطة لإيقاف عملية حرق المراحل، والتنوير بشأن الممارسات الخاطئة التي يقوم بها قادة وأفراد وتجار وفنانون، بحرقهم مرحلة التحرر والانتقال إلى مراحل لاحقة على التحرر، والامثلة أكثر من تحصى، لكن لا بد من التذكير بها، الذي يبحث عن شراء بيت بآلاف المئات من الدولارات باحثا عن الراحة ووطنه محتل والديكتاتور المجرم جاسم على صدر أبناء وطنه وأهله، واللاهث وراء جنسية هنا وهناك لراحته – وهو محق- لكنه حق بغير مكانه ولا أوانه، يجب التذكير بالتحرر والوطن، وما البحث عن الخلاص الشخصي إلا مقتلة و تجارة بالوطنية و ليس من الوطنية بشيء، وكذلك الذي ينادي بدولة إسلامية أو علمانية أو ديمقراطية ونحن في مرحلة يجب التنظير للخلاص من قصف الطيران و تحرير الشعب من نظام الاجرام  و إعادة الملايين من مخيمات البؤس و الشقاء إلى بيوتهم وتحقيق كرامتهم، لا ديمقراطية ولا علمانية ولا اسلام بلا امتلاك الكرامة والحرية، كيف يصبح مجتمعا مسلما وهو مسلوب الحرية والكرامة، وكيف نريد مجتمعا ديمقراطية والشعب مسلوب ومحتل ويتعرض لفاشية نادرة في التاريخ، إنها إذا مرحلة التحرر وصناعة الأفكار عن هذا التحرر، و كتابة النظريات لما بعد التحرر.

وتبقى الكرامة والحرية مطلب وضرورة لبناء أي مجتمع، ونبقى بحاجة للحرية والتحرر الوطني، والأكثر إلحاحا أولئك المؤمنون بالتحرر.

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.

%d مدونون معجبون بهذه: