
العميد محمد العبيد
المجلس العسكري السوري
في التاريخ …
“الحجة الأخيرة للملوك ” هي العبارة التي أمر بها الملك فردريك الثاني أن تنقش على مدافع جيوشه.
وعليه فإننا على يقين تام بأن التاريخ لا يستنسخ، ولا يستعاد، كما أن معجزة ( آل براندنبورج) ، غير قابلة للتكرار ، لكن بكل تأكيد قابلة للاستذكار فهامش المناورة تقلص كثيراً ، والخطوط المتعرجة والمتقطعة من المحتم أن تعود لما كانت عليه خطوط مستقيمة طالما أن اجهاد القص قد انزاح عنها ، يضاف لذلك فإننا اليوم نعيش حالةً من السيولة التامة بعد فقدان المركز الذي من المفترض أن يشكل نقطة التوازن فيه.
مما تقدم فهل نقول أن المعركة اليوم هي لإسقاط النظام المجرم في دمشق واستهداف أركانه الذين كانت لهم اليد الطولة في تنفيذ كل الجرائم التي طالت السوريين واستهدفت وجودهم التاريخي على أرضهم، وإذا ما عدنا للوراء لوجدنا فيما قاله السفير الأمريكي في أنقرة (روبرت بيرسون ) حول العراق حينها والاحتلال المباشر لها لوجدنا فيما ذهب إليه ذلك السفير بأن معركة أمريكا ما هي إلا لإعادة صياغة أوضاع الإقليم على نحو استراتيجي كامل.
وما نستطيع قوله في هذا السياق هو أبعد من ذلك فهنا نتحدث عن يقين بأن كامل الإقليم ذاهب باتجاه انقلاب استراتيجي غير مسبوق يترافق بحمى تطال التغيير في أنماط الصراع الدولي، وموازين القوى الدولية على نحو عاصف وشامل، يضاف لذلك تغيير في الخرائط السياسية والاستراتيجية للشرق الأوسط الكبير، بوسائل عسكرية مباشرة، وهي بكل تأكيد ستطال التغييرات الدولية في الخارطة السياسية على المستوى الدولي نتيجة هذا التغيير في الشرق الأوسط وبوسائل عسكرية مباشرة إذا استدعى الأمر ذلك.
وما يجري اليوم في سورية على امتدادها الجغرافي ما يوحي بأن الحالة السياسية السورية باتت في حالة من السيولة يصعب فيها قراءة المشهد الذي طالما ضرب بكل مصالح السوريين المتمثلة بحقوقهم المشروعة في العيش بوطن له سيادته واستقراره لكن إذا ما ذهبنا إلى الجنوب السوري لوجدنا أن حالة السيولة قد توقفت في السويداء باعثة على الأمل بأن الشارع السوري لازال هو نقطة التوازن وهو المرجعية السورية الوحيدة القادرة على مجابهة كل التحديات الخارجية والداخلية .
وإذا ما أردنا أن نكون أكثر انصافاً ووضوحاً فعلينا أن نعترف بأن ما جرى في السويداء ناتج عن تفكير عميق والذي فاق بتصوراته كل العقد الماضي من مسيرة الثورة السورية فظهر التفكير الاستراتيجي الذي استطاع بفترة قصيرة التأثير على المستويين الإقليمي والدولي فقد كان أكثر عمقاً ونفاذاً في الرؤية لابل أصبح أكثر قدرة على الإمساك بجذور المتغيرات، وصياغة معادلات استراتيجية مكتملة وصحيحة ، وبناء تخطيط استراتيجي شامل.
وأخيراً فإن الحديث عن مستلزمات الخلاص الوطني قد باتت واضحة فالرؤية لا تنقصنا، والقدرة موجودة وبالتالي الإرادة حاضرة بزخمها الكبير، ولكننا نفتقر إلى المناخ الصحيح الذي يضع الرؤية والقدرة والامكانيات في موضع الفعل والتأثير وأعتقد جازماً بأن هذا هو الوقت المناسب لعملية التغيير الوطني الشامل.
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.