
ياسر بدوي
كاتب وصحفي سوري
امتحان حزب الله الإيراني
تفرض الحرب في غزة لو حيدنا من المسؤول عن إشعالها، والأبعاد الأخلاقية المتعددة والمرتبطة بها، تفرض تحديات سياسية لا شك سترتبط بالأطراف المتصارعة، أهمها المساعدة التي سيقدمها حزب الله كذراع إيراني لحليفه حركة حماس، وهذه المساعدة لا تقتصر على مناوشات والعاب أطفال وإنما إشعال جبهة من المفترض أن الحزب ينتظرها، بعد أن شارك في تدمير سوريا بذريعة الصراع مع إسرائيل، وسياسيا أيضا لو أنهت إسرائيل حركة حماس عسكريا أو سياسيا فإنها ستتفرغ لحزب الله وتنهيه، فالحزب وإيران أمام امتحان حقيقي، لم يعد ينفع معه اللغة الكلامية و التصريحات التحريضية، والكذب على الراي العام.
يروج الحزب بين المندفعين لنصرة حركة حماس وللرأي العام المتعاطف مع الفلسطينيين أن الحزب قام بتجهيز الحركة بمعدات كبيرة، منها أنه قام بإنشاء شبكة الاتصالات التي تستخدمها حركة حماس وكان لها دور في غزوة حماس وصمودها، هذه المعلومة وغيرها من المعلومات المتداولة بين مناصري الحزب والحركة، تنتقص من استقلالية حماس وتجعلهم يخطفون أي نصر منتظر للحركة دون أية خسائر للحزب، وتفرض أنهم على تنسيق كامل مع الحركة كما لمح قادة حركة حماس علنا عبر مسؤول الحركة في لبنان وعبر رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية الذي يهدد بإشعال حرب إقليمية، كأن قرار إشعالها بيده، أو أنه واثق من الوعود التي تلقاها خلال فترة التنسيق مع حزب الله و ايران.
لم يهدأ الحزب في تمرير المعلومات والتصريحات المشتركة مع إيران، بالتهديد بإشعال جبهات أخرى لن لم تتوقف إسرائيل، على لسان وزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان، وآخرها اليوم الأحد على لسان نعيم قاسم نائب أمين عام حزب الله، ويمكن تحديد خط واحد تم رسموه وهو في حال الاجتياح البري الإسرائيلي سيتدخل الحزب عبر الجبهة اللبنانية، أو الجبهة السورية، ولو صدقت هذه الدعوى، فلا بأس في التدمير والقتل عبر الجو كما هو حاصل، واستمرار المراهنة على ضغط المجتمع الدولي لإيقاف إسرائيل الحرب؟
أما اشعال الجبهة السورية نحو إسرائيل تلك المعزوفة التي سمعناها منذ سنين، فهي كذبة كبيرة، لأن نظلم الأسد فاقد الكرامة ويكتفي بالشكوى عبر وكالة سانا القصف الإسرائيلي لدمشق وضواحيها وحلب وغيرها، آخرها اليوم قصف مطاري دمشق وحلب، كان الرد العبقري لنظام الأسد، نقله الرحلات الجوية إلى مطار اللاذقية، ولو افترضنا أن قرار إشعال الجبهة أصبح بيد إيران، هل ستفعل من جبهة رخوة، ولماذا لا تفعل من جبهة قوية، حصنتها منذ ثلاثين عاما؟
الدعاية الإيرانية موجهة للرأي العام العربي والإسلامي لكسب التعاطف، لكنها مجرد دعاية كاذبة وحاقدة وماكرة، فالوقائع والتجارب أثبتت بم لا يدع مجالا للشك أن إيران وحزب الله تفتح الجبهات على العرب المسلمين وفتحتها في سوريا واليمن والعراق ومشروعها فارسي تخريبي، منذ العام 1991 وإطلاق الإدارة الأمريكية مؤتمر مدريد للسلام وإيران تخرب أية فرصة للسلام، ورغم كل ذلك يبقى الحزب، حزب إيران اللبناني أمام امتحان صعب، من أجل اختبار شعاراته في تحرير القدس.
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.