العميد أحمد عبد الكريم

باحث في الشؤون العسكرية-سوريا

سؤال لم أجد له إجابة حتى الآن

في الصراعات الدولية وهي مرتبطة بالسمعة والهالة والهيبة وقوة التحالفات، نستطيع القول: إن إيران صغرت إسرائيل من زاوية حصر القوة العسكرية الإسرائيلية التي كانت تروج لضرب إيران، إلى جعلها تقاتل فصيل ممن يتلقون الدعم من إيران، والمعارك في قلب إسرائيل وأطرافها، وبعيدة عن إيران ألاف الكيلومترات، وبالتالي لا يمكن فهم ما يحدث إلا بمنظارين، إما قبول بنظرية التنسيق الإيراني الإسرائيلي، أو قصور التفكير الاستراتيجي الإسرائيلي، إذ من المستبعد الحديث عن قصور القوة العسكرية الإسرائيلية، فالكل يعلم قوة العسكرية الإسرائيلية واستخدامها لأحدث التكنولوجيا العسكرية الامريكية و العالمية، وقدرتها التدميرية، ففي العام 1967 استطاعت تدمير القوة العسكرية لثلاث دول عربية في آن واحد، مصر وسوريا والأردن، والسلاح السوفيتي الذي كانت كل من مصر و سوريا تمتلك ترسانة كبرى منه، وهو الموازي للسلاح الأمريكي والغربي.

من غير المنطقي الحديث عن قصور في العقل السياسي والعسكري الإسرائيلي التي تمتلك أكبر مراكز الدراسات الاستراتيجية، ويغيب عن قادتها، أن رأس الافعى التي تصارعها في غزة وجنوب لبنان وسوريا، موجودة في طهران، وتقبل الصراع وخسارة الأرواح والهيبة والسمعة أمام فصيل صغير بالمعايير العسكرية، ولو قبلنا بنظرية أنها تريد قصقصة أذرع إيران، لماذا لم تذهب إلى الجسر الذي يربط إيران مع أذرعها في جنوب لبنان وهذا الجسر هو بشار الأسد, إسرائيل تعلم هذا جيدا، لذلك أرسلت رسالة لحزب الله منذ اليوم لعملياتها العسكرية في غزة، إن تدخّل الحزب ستدمر بشار! وهي جملة أشبه بذلة اللسان، تعبر عن خطوط متفق عليها في لعبة الصراع مع إيران، وتعلم إسرائيل وتعلم إيران ومعه حزب الله، أن ضرب بشار الأسد يعني إنهاء السلسلة المقاومة كما هو مرسوم للانتهاء من تدمير العرب في سوريا وفلسطين، وهذه الجملة تخبر وتذكر حزب الله وإيران بهذه الحقائق والاتفاقات المخفية لاستمرار الصراع بهذا الشكل المضبوط، وضمن تقاسم النفوذ وتبادل الأدوار في قتل العرب، وإلا طالما يعتبر أنصار إيران في لبنان وسوريا أن ضربة حماس بداية نهاية الكيان الصهيوني وفق تعبيراتهم لماذا لم يجهزوا عليه، لكن وفي السياق إذا كانت إيران جادة في صراعها مع إسرائيل واستطاعت عبر حماس تصغير الصراع، لماذا لا تنتهز الفرصة الراهنة وتحقق مكاسب في الشمال عبر حزب الله، كل هذه أسئلة مشروعة لتحليل الحالة الراهنة، ويبقى السؤال عن قبول إسرائيل أن تحشر في هذه البقعة من الصراع.

إسرائيل التي رفضت ضرب نظام الأسد أكثر من مرة، الأولى خلال فترة رئاسة جورج بوش بعد غزو العراق، والثانية خلال فترة حسين أوباما العام 2013 وقبلت أن تمرغ الهيبة الأمريكية في التراب، وإسرائيل التي تستطيع التخلص من مما يسمى محور المقاومة بضرب بشار الأسد قبلت أن تحشر في الزاوية، وأن تمرر إيران الدعاية المخادعة كيف تفكر هذه الإسرائيل، وهي تسير بأكبر الصفقات مع كبرى الدول العربية حشرت نفسها في صراع يمس ضمير كل عربي ومسلم. وأشعلت سوق المساومات السياسية، سؤال لم أجد له إجابة حتى الآن.

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها

%d مدونون معجبون بهذه: