حسين علي البسيس

محامي سوري-عضو المجلس التأسيسي لحزب بناة سوريا

استثمار في زمن القلق الإيراني

ان ما يحدث في المنطقة  قبل حرب غزة وما بعد غزة هو نتيجة لعدم توافق المصالح الدولية وصراع المحاور , فالإيرانيين يحاولون الاستثمار بكل شيء قابل للاستثمار ولو على حساب دماء الجميع , فهم يستثمرون في المليشيات العراقية والافغانية والتنظيمات المتطرفة امثال داعش وغيرها , فايران اليوم مازومة من الداخل لما وصلت إليه الامور ولكنها تحاول إظهار عكس الصورة , فهي تستخدم حنكة  تكتيكية لتستثمر في حرب غزة من خلال علاقتها بحماس حتى وصلت الامور لانتزاعها اعتراف من حماس وعلى لسان مسؤولي حماس بان تسليم الاسرى يتم عن طريق ايران , وهذا له اهمية كبيرة في السياسة الإيرانية  كونه يساهم في تحسين شروط التفاوض بين ايران وامريكا وبين ايران مع اسرائيل والغرب سواء بالملف النووي الايراني أو ملفات اقتصادية تتعلق بالنفط والغاز او ملفات اخرى , فالإيرانيين قلقون من الحشود العسكرية في منطقة الشرق الاوسط وأماكن اخرى لأنها تمس مصالحهم , فهم يعرفون ان الثمن سيكون باهض وان احجار الدومينو ستتساقط واحدة تلو الاخرى , وان بشار الاسد وحسن نصرالله وقادة المليشيات العراقية هم اول الساقطين بهذه المعادلة , لذلك المسؤولين الايرانيين اليوم يحاولون الاستثمار في هذه المعادلة المعقدة , مستغلين الدور الروسي والتركي في عدد من الجزئيات التي تساعد ايران في تحسين وضعها وتغيير الصورة النمطية عنها على المستوى الاقليمي والدولي , فقد بات واضحاً معاناتها من  ازمة اقتصادية حادة نتيجة الانفاق العسكري على حساب المواطن الايراني ما سبب حدوث ارتفاعا كبيرا في ميزان الدين العام عليها , لذا هي تبحث جاهدتاً على اكثر من مستوى لمن يضمن مصالحها بسبب ما سيحدث من تراجع نفوذها في المنطقة والدول العربية , فالإيرانيين اليوم يعملون بوتيرة مستمرة على زيادة عدد عناصر المليشيات التابعة لها , وكذلك الزيادة بإدخال اسلحة إلى سوريا ولبنان منها ما يتم عبر المعابر الحدودية لسوريا مع العراق في النقطة صفر, في جزء منها عبارة عن انفاق كبيرة تم حفرها وتجهيزها لهذه المهام , ومنها ما يتم ادخاله بصورة اخرى على أنه مواد استهلاكية  لكن في حقيقة الأمر هي عبارة عن مواد صالحة للاستعمال والاستخدام العسكري , فالمليشيات الإيرانية نتيجة ما يحدث على الساحة الحالية من استنفار , يعملون بعدد كبير من نقاط انتشارهم  على تغيير كلي أو جزئي بتموضوعاتهم  وبشكل يومي احياناً خشية استهدافهم من الامريكان والإسرائيليين , بغض النظر ان كانت هذه الهجمات قد تسبب لهم ضرراً ام لا,   فالدور الحالي الذي يقوم به وكلاء ايران في المنطقة وعلى راسهم المجرم بشار الاسد هو استمرار لدور تنفيذي واضح لما تتطلبه السياسة الايرانية ضمن الاصطفاف الدولي وسياسة المحاور  فالاستثمار السياسي الذي تقومن به ايران اليوم هو ناتج عن استغلال ضعف الدور العربي  وتأثيره على الساحة المحلية والاقليمية والدولية, فهي تحاول ان تظهر نفسها كأنها هي القوة التي تتحكم بقواعد اللعبة في المنطقة , لكن في الجانب الاخر من المشهد الدولي سيحدث هناك متغيرات قد يتوقعها البعض وقد لا يمكن التكهن بها , سيما أن الوضع الدولي الحالي اصبح بحاجة لتغيير في صور الهيمنة على العالم ومن سيرسم خرائط المنطقة لسنوات قادمة فالجميع يحاول تخمين ما لذي سيحدث , وهذا ما ستكشفه الفترة الزمنية لما بعد حرب غزة .

المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.

%d مدونون معجبون بهذه: